أحباب المصطفى صلي الله عليه و سلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أحباب المصطفى صلي الله عليه و سلم

تصليات على سيد المرسلين- محاضرات دينية - اعلام الجريد
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تابع لما سبق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
روح الله

روح الله


المساهمات : 48
تاريخ التسجيل : 29/09/2009
العمر : 77

تابع لما سبق Empty
مُساهمةموضوع: تابع لما سبق   تابع لما سبق Icon_minitime1الثلاثاء يناير 24, 2012 10:25 pm

م
شروعية إهداء ثواب قراءة القرآن الكريم إلي الأمواتبسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وسابغ نعمه التي لا تعد ولا تحصى ، ثم صلاة وسلاما تامين دائمين متلازمين على رسوله الأمين ، سيد الأولين والآخرين ، وإمام الأنبياء وخاتم المرسلين المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين ،
وبعد
ففي مقالة نشرتها جريدة ( صوت الأزهر ) في يوم الجمعة بتاريخ 18 ذي الحجة سنة 1425 هجرى ، الموافق 28 يناير سنة 2005 ميلادي ، تحت عنوان ( الحجج الدامغات في ثبوت مشروعية إهداء قراءة القرآن وسائر القربات للأحياء والأموات ) ، كتبها الأستاذ الدكتور جودة أبو اليزيد مهدى ، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف ، حفظه الله
قال سيادته :
من الحقائق المؤكدة التى قررها القرآن الكريم والسنة المطهرة والإجماع ، وأكدها علماء الأصول ، أن الله سبحانه شرع الأحكام لحكم ومصالح ، يعود نفعها على العباد ، رحمة بهم وتيسيرا عليهم ، كما قال جل شأنه :
" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " ،
" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " .
ولكن فريقا من الناس ، قد عمدوا إلى تضييق رحمة الله الواسعة ، وجنحوا إلى التشديد على الأمة ، فحرموا ما أحل الله ، افتراء على الله ، وأشاعوا في أجهزة الدعوة والإعلام تحريم أمور كثيرة ، توافرت الأدلة والبراهين على حلها واستحبابها.
ومن ذلك ، دعواهم أن قراءة القرآن وإهداء سائر القربات للغير أحياءا وأمواتا من البدع المحرمة .
وهذه الدعوة مجانبة للحق والصواب ، إفتراء على الله ورسوله .
وهذه طائفة من الأدلة الشرعية ، المثبتة لجواز قراءة القرآن الكريم والذكر والعبادة ، وإهداء ثوابها للأحياء والأموات على السواء .
فالدليل الأول :
أن الإمام البخارى رضى الله عنه ، جعل عنوان باب من كتاب الجنائز في صحيحه ، باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة . وروى فيه بسنده عن طلحة بن عبد الله بن عوف أنه قال : صليت خلف ابن عباس على جنازة ، فقرأ بفاتحة الكتاب .
قال : ليعلموا أنها سنة .
والدليل الثانى :
وفيه مشروعية صلاة الجنازة على القبر ، كما يفيد مشروعية الصلاة مطلقا بجوار القبور ، ما لم تنبش ، ما رواه البخارى –فى نفس الكتاب والباب من صحيحه –عن أبى هريرة رضى الله عنه : أن اسود --رجلا كان أو امراة – كان يقم المسجد ، فمات ، ولم يعلم النبى صلى الله عليه وسلم بموته ، فذكره ذات يوم ،
فقال صلى الله عليه وسلم : " ما فعل ذلك الإنسان ؟ "
قالوا : مات يا رسول الله .
قال : " أفلا آذنتمونى ؟ "
فقالوا : إنه كان كذا وكذا ...قصته ،
قال : فحقروا شانه ،
قال : " فدلونى على قبره " ،
فأتى قبره ، فصلى عليه . ...
ولا يخفى أن صلاته صلى الله عليه وسلم ، مشتملة على تلاوة القرآن والدعاء لرحمة الميت .
الدليل الثالث :
أخرج الإمام أحمد والطبرانى وغيرهما ، عن معقل بن يسار أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
البقرة سنام القرآن وذروته ، ونزل مع كل آية منها ثمانون ملكا ، واستخرجت ( الله لا إله إلا هو الحى القيوم ) من تحت العرش ، فوصلت بها ، و( يس ) قلب القرآن ، لا يقرؤها رجل ، يريد الله تبارك وتعالى والدار الآخرة ، إلا غفر له ، و اقرؤها على موتاكم " .
وقد رد الأمير الصنعانى فى ( سبل السلام ) 2 / 244 على من قال : إن المراد بالميت هنا المحتضر بقوله : [ وهو شامل للميت . بل هو الحقيقة فيه ] . آهـ
الدليل الرابع :
وهو من كتاب ( الروح ) ، لابن القيم السلفى ، حيث روى فيه عن الخلال عن الحسن الوراق ، قال :
حدثنى على بن موسى الحداد ، وكان صدوقا ، قال :
كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهرى فى جنازة . فلما دفن الميت ، جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر .
فقال أحمد : يا هذا ، إن القراءة عند القبر بدعة ،
فلما خرجنا من المقابر ، قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل :
يا أبا عبد الله . ما تقول فى مبشر الحلبى ؟
قال : ثقة ..
قال : كتبت عنه شيئا ؟
قال : نعم ،
قال : فأخبرنى مبشر عن عبد الرحمن بن العلا بن اللجلاج عن أبيه ، أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها ، وقال : سمعت ابن عمر يوصى بذلك .
فقال له أحمد :
فارجع ، وقل للرجل يقرأ ....
هذه هى السلفية الحقة ، لا السلفية المختلقة المدعاة .
الدليل الخامس :
ما نقل عن السلف الصالح ، تطبيقا من المصادر السلفية المنصفة .
فقد نقل ابن القيم أيضا فى كتاب ( الروح ) ، عن العلامة الخلال السلفى ، عن الإمام الشعبى أنه قال :
كانت الأنصار إذا مات لهم ميت ، اختلفوا إلى قبره ، يقرؤن عنده القرآن .
الدليل السادس :
ما رواه الإمام أحمد والبخارى ومسلم ، عن الإمام ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ، أنه قال :
مر النبى صلى الله عليه وسلم على قبرين ، فقال :
" إنهما ليعذبان وما يعذبان فى كبير "
ثم قال : " بلى ، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة ، وأما الاخر فكان لايستتر من بوله " .
قال :
ثم أخذ عودا رطبا ، فكسره باثنتين ، ثم غرز كل واحد منهما على قبر .
ثم قال : " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " .
قال الإمام الخطابى :
فيه دليل على إستحباب تلاوة القرآن ، الكتاب العزيز على القبور ، لأنه إذا كان يرجى عن الميت التخفيف ، بتسبيح الشجر ، فتلاوة القرآن العظيم أعظم رجاء وبركة .
الدليل السابع :
أخرج ابن أبى شيبة ، من طريق أبى الشعثاء ، جابر بن زيد ، وهو من ثقات التابعين ، أنه كان يقرأ عند الميت سورة ( الرعد ) ،
قال الحافظ ابن حجر : سنده صحيح .
وفى ( سبل السلام ) ، للصنعانى ، أخرج أبو الشيخ فى (فضائل القرآن ) ، وأبو بكر المروزى فى كتاب ( الجنائز ) ، عن أبى الشعثاء –صاحب ابن عباس – أنه يستحب قراءة سورة ( الرعد ) .
وزاد ،، إن ذلك يخفف عن الميت .
وفيه أيضا ، عن الشعبى :
كانت الأنصار يستحبون أن تقرأ عند الميت سورة ( البقرة ) .
هذه بعض الأدلة والحجج ، التى تثبت وتؤكد مشروعية قراءة القرآن ، وإهداء ثوابها للأموات ،
وبالله التوفيق ، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . انتهى
وحقيقة الأمر أننى كنت قد سمعت قبيل ذلك ، أن البعض قد أعلن فى بعض أجهزة الإعلام أن قراءة القرآن للأموات ، بدعة ، ومجانبة للحق ،،
وسئلت فى ذلك ----لا لأفتى ، ولكن لاستيضاح رأيى الشخصى ، حول هذا القول ،
فما كان منى إلا أن أجبت قائلا :
بلدنا التى ولد نا ونشانا فيها ، مدينة عريقة ، وهى مدينة ( جرجا ) فى صعيد مصر ،
وقد اشتهرت منذ القدم ، بأنها بلد العلم والعلماء ،
والمقصود من ذلك ، هو الدين الإسلامى بمذاهبه المعروفة ،،
(حتى ان الشيخ من أبنائها كان – دائما --- يذيل توقيعه بكلمة الشافعى الجرجاوى أو الحنفى الجرجاوى ....وهكذا )
ومع ذلك ، لم نر أحدا من علماء ( جرجا ) ، على كثرتهم ، وعلو مراتبهم فى حفظ القرآن الكريم ، وعلوم الدين المتنوعة ، يبدع ، أو يحرم إهداء ثواب قراء ة القرآن الكريم إلي الأموات ، وليس من المعقول مطلقا ، أن يجتمعوا كلهم على جهل ، أو محرم ، أو ضلالة ، أو بدعة .
وهذا فضلا عن قيام الكثيرين جدا من المسلمين بقراءة ( الختمة ) وإهدائها إلي الميت ،
ومن الدارج علي لسان المسلمين الذاكرين دائما منذ القدم ، قولهم :
الفاتحة لأمواتنا ولأموات المسلمين أجمعين ،،
وذلك علي اعتبار أن الفاتحة هي أم الكتاب ،
وهو كما تري أخي الكريم ، إهداء صريح إلي الأموات ،
وما رآه المسلمون حسنا ، فهو عند الله حسن ، ولن تجتمع أمة الإسلام علي ضلالة أبدا ،
علي أني ، كراهية مني للتطرف بشقيه ،، إفراطا من غلو وتشدد ، وتفريطا من استهتار وتسيب ، وهما وجهان قبيحان رديئان لعملة غالية، عالية القيمة ، ثمينة القدر والمقدار ، ألا وهي الإسلام ، دين الوسط والإعتدال ،،
أجدني أحار في شأن أولئك المفرطين الغلاة ، الذين يبدعون جل الأشياء ، مع أن الأصل في هذا ، إنما هو الإباحة ، ما لم يأت مقيد يقيد ، أومانع يمنع ، ،
ولو سئل بعضهم عن معني البدعة لغة وشرعا ، لأجاب بغيرما ينتهي معه إلي إتفاق ،
ولو ذهبت تبسط له وتشرح في البدعة ، وتأتي له بأمثلة من الحسن منها في دنيا الإسلام والمسلمين ، لأسرع في إبداء الملل والضجر ، فضلا عن إبداء عدم الإقتناع بما تقول ، ، وقد يتطور أمره ، ويشتط في تطرفه وغلوائه ، ويرميك بالجهل ، أو بالترخص غير المقبول عنده ،
بل قد يتناهي شططه ويرميك بالزندقة والمروق من الدين والعياذ بالله ،
وما أمره إلا أنه قد تتلمذ علي يد متطرف قد سبقه ، فتشرب منه هذا التنطع الذي دعا عليه نبي الرحمة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بالهلاك والردي ،
ولن أنس ، أن بعضهم نهرني يوما حين قلت سيدنا محمد ، وكأنني أتيت ذنبا عظيما ، وإثما كبيرا ،
فلما حلمت عليه ، وبدأت في محاورته ، تبين لي أنه تابع لجهول متطرف ،
وحقا ، شعرت بالأسي له ، والحزن علي حاله ، والخشية علي العامة من مثله الذين قد ينبهرون بشكله دون مضمونه ، فهو أخطر عليهم من أعداء الإسلام المتربصين بالمسلمين ،
إن الإسلام قوي والحمد لله ، ولن يزال بخير أبدا بحفظ الله العلي العظيم ، وإنما الخوف كل الخوف علي شباب المسلمين ، الذين حاروا بين الإفراط وبين التفريط ،
فهل يقال : ألا لعنة الله علي الظالمين ؟
أم يقال : اللهم اهدنا لما يرضيك عنا ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ؟
وعلي العموم ، فإن القول والإستقصاء في البدع والضلالات ، وما في هذا الصدد مما هو أشبه ، ودراستها دراسة متأنية ، متثبتة ، متحققة ، للوصول إلي القول الصواب فيه ، إنما هو باب واسع ، وسيخرجنا حتما عن مقصدنا ،
علي أن موضوع إهداء ثواب قراءة القرآن الكريم ، قد يندرج تحت هذا الباب الواسع ،
ولن يكون أمامنا بعد بسط وشرح واستعراض الأدلة علي مشروعيته ، إلا أن نقول للمانع :
اعتقد ما تشاء ، ولكن لاتفرض رأيك المخالف للجمهور، علي غيرك ،
وإلا ،، فاللهم رحماك يا أرحم الراحمين ،
ولله الأمر من قبل ومن بعد ،،

وإذن ،،، فقد عقدت العزم على أن أبحث فى هذا الموضوع ، بما جاء فى القرآن الكريم وورد في السنة النبوية المطهرة ، وأعمال السلف الصالح ، من أهل الفقه والعلم ، وآرائهم فيه، مستعينا بالله تعالى متوكلا عليه .
فلما قرات كلام الأستاذ الدكتور جودة حفظه الله ، وهو أحد شيوخ العلماء فى الأزهر الشريف ، وممن يؤخذ عنهم العلم والفقه في مصر ، أثبت مقالته بأكملها ، على اعتبار أنها فى صميم البحث ، ومن أسس التحقيق فيه ...
وبذلك ... وامتدادا لما سبق ... نقول ...والله أعلى وأعلم :
فى كتاب ( الدعاء ) للإمام الأكبر الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوى ، شيخ الأزهر حفظه الله تعالي ، قال فضيلته :
قال الإمام النووى :
ويستحب للزائر الإكثار من قراءة القرآن والذكر والدعاء لأهل تلك المقبرة وسائر الموتى والمسلمين أجمعين . ويستحب الإكثار من الزيارة ، وأن يكثر الوقوف عند أهل الخير والفضل . آهـ
وبالرجوع إلى كتاب الإمام الحافظ يحيى النووى ، شيخ الإسلام ، فى كتابه ( الأذكار ) فى باب ما ينفع الميت من قول غيره ، نجده يقول :
أجمع العلماء على أن الدعاء للأموات ، ينفعهم ويصلهم ثوابه ، واحتجوا بقوله تعالى :
" والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان " ،
وغير ذلك من الآيات المشهورة بمعناها .
واختلف العلماء فى وصول ثواب قراءة القرآن .
فالمشهور من مذهب الشافعى وجماعة أنه لا يصل .
وذهب أحمد بن حنبل ، وجماعة من العلماء ، وجماعة من أصحاب الشافعى إلى أنه يصل
فالاختيار ،، أن يقول القاريء بعد فراغه :
اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان . والله أعلم . آهـ
وفى موضع آخر يقول الإمام النووى رحمه الله :
وروينا فى سنن أبى داود وابن ماجة ، عن معقل بن يسار الصحابى رضى الله عنه ، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
" اقرءوا ( يس ) على موتاكم " ،
قلت : إسناده ضعيف ، فيه مجهولان ، لكن لم يضعفه أبو داود ...
وروى ابن أبى داود عن مجالد عن الشعبى ، قال :
كانت الأنصار إذا حضروا ، قرءوا عند الميت سورة ( البقرة ) ،، مجالد ضعيف . آهـ
فإذا ذهبنا إلى ( غالية المواعظ ) ، للعلامة المحقق الآلوسى ، رحمه الله تعالى فى المجلس الثالث عشر فى الإيمان بالكتب المنزلة ، نجده يقول :
واتفق أكثر الائمة على وصول ثواب القراءة للميت . ومذهب المعتزلة خلافه لقوله تعالى :
" وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " .
وفى الدر المختار وحاشيته ، لابن عابدين رحمه الله تعالى ،، أن من دخل إلى المقبرة يقرأ
( يس ) ،، فقد ورد :
( من دخل المقابر ، فقرا سورة ( يس ) ، خفف الله عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات ) ،
وفى حديث :
" من قرأ الإخلاص أحد عشر مرة ، ثم وهب أجرها للأموات ، أعطى من الأجر بعدد الأموات .
وفى شرح اللباب ،، ويقرأ من القرآن ما تيسر له ، من ( الفاتحة ) وأول ( البقرة ) إلى
" المفلحون " و " آية الكرسى " و " آمن الرسول " و" سورة يس " و " تبارك " الملك ، و " سورة التكاثر " و " الاخلاص " ، اثنى عشر مرة ، أو إحدى عشرة ، أو سبعا ، أو ثلاثا ،، ثم يقول :
اللهم أوصل ثواب ما قرأناه إلى فلان أو إليهم .
فقد صرح علماؤنا ، فى باب الحج عن الغير ، بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها .
بل قيل الأفضل لمن يتصدق نفلا ، أن ينوى لجميع المؤمنين والمؤمنات ، لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء ، وهو مذهب أهل السنة ،
لكن استثنى مالك والشافعى العبادات البدنية المحضة ، كالصلاة والتلاوة ، فلا يصل ثوابها إلى الميت عندهما ، بخلاف غيرها ، كالصدقة والحج ،، وخالف المعتزلة فى الكل .
يقول الآلوسى رحمه الله تعالى :
أقول ما مر عن الشافعى ، هو المشهور عنه ، والذى حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت ، إذا كان بحضرته ، أو دعا له عقبها ، ولو كان غائبا ، لأ ن محل القراءة تنزل الرحمة والبركة ، والدعاء عقبها أرجى للقبول ، ومقتضاه أن المراد انتفاع الميت بالقراءة ، لا حصول ثوابها له ،
ولهذا اختاروا فى الدعاء : اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان .
وأما عندنا ، فالواصل إليه نفس الثواب . آهـ
وفى كتاب ( الروح ) ، للحافظ ابن القيم ، أنه اختلف فى إهداء الثواب إلى الحى ،،
فقيل : يصح ،، لإطلاق قول أحمد ، يفعل الخير ويجعل نصفه لأبيه وأمه .
وقد نقل عن جماعة ، أنهم جعلوا ثواب أعمالهم للمسلمين ،، وقالوا :
نلقى الله تعالى بالفقر والإفلاس ،، والشريعة لاتمنع ذلك .
وفى موضع آخر يقول الآلوسى رحمه الله تعالى :
وأما فى القراءة للميت بالإستئجار ، فلا يصح ، على القول الأصح .
قال شيخ مشايخنا العلامة ابن عابدين ، فى حاشيته ، من جملة كلام كثير :
قال تاج الشريعة فى شرح الهداية :
إن القرآن بالأجرة لايستحق الثواب ، لا للميت ولا للقاريء.
وقال الشيخ خير الدين الرملى فى الولوالجية :
لو زار قبر صديق او قريب له ، وقرا عنده شيئا من القرآن ، فهو حسن .
ونقل الخلوتى ، فى حاشية المنتهى ، الحنبلى ، عن شيخ الإسلام تقى الدين ما نصه :
ولا يصح الإستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت ، لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة ، الإذن فى ذلك .
وقد قال العلماء :
إن القاريء إذا قرا لأجل المال ، فلا ثواب له ، فأى شيء يهديه إلى الميت ، وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح ، والإستئجار على مجرد التلاوة ، لم يقل به أحد من الأئمة ،
وإنما تنازعوا على التعليم . آهـ
وفى ( تسلية المصاب عند فقد الأحباب ) ، طبعة سنة 1358 هجرى ، لفضيلة الشيخ محمد عبد السلام المنير، رحمه الله ، المرشد العام بالمملكة المصرية آنذاك ، قال :
وأما ثواب الأعمال البدنية ، كالصلاة والصوم والقراءة ونحو ذلك ، فالصحيح الوصول ، وهو مذهب الإمام أحمد وأبى حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعى ، لما يأتى من الأحاديث والآيات إن شاء الله .
فمن الآيات ما تقدم . وقوله تعالى :
"الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ".
فلو لم ينفعهم ذلك ، لم يخبر الله تعالى به ترغيبا .
وأما الأحاديث ،، فمنها ما روى الإمام أحمد ، من حديث الحسن بن سعد بن عبادة ، أن أمه ماتت ، فقال :
يا رسول الله ، إن أمى ماتت ، أفأتصدق عنها ؟
قال :" نعم ".
قلت : فأى الصدقة أفضل ؟
قال : " سقى الماء ".
قال الحسن : فتلك سقاية آل سعد بالمدينة ، ورواه النسائى أيضا .
ومنها عن معقل بن يسار ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" اقرءوا على موتاكم ( يس ) " .
رواه أبو داود وابن ماجه ورواه الإمام أحمد .
ولفظه : "يس قلب القرآن ، لا يقرؤها رجل يريد الله تبارك وتعالى والدار الآخره ، إلا غفر له ، واقرؤها على موتاكم ".
وفيه دليل على وصول القراءة إلى الميت ،
فإنه صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرأها على موتانا ، وأمره فى هذا المكان ، أمر إرشاد ،
لا يجوز أن يعرى عن فائدة ، ولا فائدة للعبد بعد موته أعظم من الثواب ،، فإنا نعلم يقينا أن الميت من أحوج الناس إلى ما يقربه من رحمة الله ، ويبعده من عذابه ، وقد امتنع عليه ذلك بعد موته بفعل نفسه ، فما بقى يحصل له ذلك ، إلا بفعل غيره ، والحصول هو الثواب المترتب على القراءة ، والله أعلم .
ثم يقول :
أول القائلون بعدم وصول ثواب القراءة للميت مثل هذا ، بأنه محمول على المحتضر ، وهذا على سبيل المجاز ، والحقيقة هنا ممكنة ، والمجاز لا يسار إليه ، إلا عند تعذر الحقيقة .فوجب حمله على من نزل به الموت بالفعل ،
وكان العز بن عبد السلام ممن يقول بعدم الوصول ، فلما مات ، رآه بعض إخوانه فى المنام . فقال له : هات ما كنت تقول فى دار الدنيا ،
فقال : وجدت الأمر على خلاف ما كنت أظن ، وجدت كل ذلك ينفع .
وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
" ما على أحدكم إذا أراد أن يتصدق بصدقة تطوعا ، أن يجعلها عن والديه إذا كانا مسلمين فيكون لوالديه أجرها ، وله مثل أجورهما ، من غير أن ينقص من أجورهما شيئا " ،
رواه حرب فى مسائله بسنده .
وروى ابن المنذر بإسناده عن عائشة رضى الله عنها ، أنها اعتقت عن أخيها عبد الرحمن عبدا بعد موته..........
وروى الدار قطنى وغيره ، عن عطاء بن أبى رباح ، مرسلا ، أن رجلا قال :
يا رسول الله ،، إن أبى مات ، أفأعتق عنه ؟
قال : " نعم "
وروى الدارقطنى أيضا ، عن الحسن والحسين رضى الله عنهما ، أنهما كانا يعتقان عن أبيهما على بن أبى طالب رضى الله عنه بعد موته .
وعن ابن أسيد ، مالك بن ربيعة الساعدى قال :
بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ جاء رجل من بنى سلمة فقال :
يا رسول الله ، هل بقى من بر أبوى شيء أبرهما به بعد موتهما ؟
قال : " نعم ، الصلاة عليهما ، والإستغفار لهما ، وافتقاد عهدهما بعدهما ، وصلة الرحم التى لاتوصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما " ،
رواه أبو داود وابن ماجة ، واللفظ لأبى داود .آهـ
وفى ( تنبيه الغافلين ) للسمرقندى رحمه الله تعالي ، قال :
روى العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبى هريرة رضى الله عنه ، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
" إذا مات ابن آدم ، انقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له بالمغفرة " .
وفى موضع آخر ، فى نفس المصدر ، جاء أن يزيد الرقاشى روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال :
سبع يؤجر فيهن من بعده ، من بنى مسجدا ، فله أجره ، مادام يصلى فيه ، ومن أجرى نهرا فما دام يجرى فيه الماء ، ويشرب منه الناس ، كان له أجره ، ومن كتب مصحفا وأحسنه كان له أجره ، مادام يقرأ فيه أحد ، ومن استخرج عينا ، ينتفع بمائها ، كان له أجرها ما بقيت ، ومن غرس غرسا ، كان له أجره فيما أكل الناس منه والطير ، ومن علم علما كذلك . ومن ترك ولدا يستغفر له ويدعو له من بعده ، يعنى إذا كان الولد صالحا ، وقد علمه الأب القرآن والعلم ، فيكون أجره لوالده ، من غير أن ينقص من أجر ولده شيء .
فإذا كان الوالد لايعلمه القرآن ، ويعلمه طريق الفسق ، يكون وزره على أبيه ، من غير أن ينقص من وزر ولده شيء .
وفى ذات المصدر ( تنبيه الغافلين ) ، فى باب ما جاء في فضائل القرآن :
روى يزيد بن أبى حبيب ، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :
" من استظهر القرآن ، خفف الله تبارك وتعالي عن أبويه العذاب ، وإن كانا كافرين " .
وعن أبي امامة رضي الله عنه قال :
م
شروعية إهداء ثواب قراءة القرآن الكريم إلي الأمواتبسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وسابغ نعمه التي لا تعد ولا تحصى ، ثم صلاة وسلاما تامين دائمين متلازمين على رسوله الأمين ، سيد الأولين والآخرين ، وإمام الأنبياء وخاتم المرسلين المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين ،
وبعد
ففي مقالة نشرتها جريدة ( صوت الأزهر ) في يوم الجمعة بتاريخ 18 ذي الحجة سنة 1425 هجرى ، الموافق 28 يناير سنة 2005 ميلادي ، تحت عنوان ( الحجج الدامغات في ثبوت مشروعية إهداء قراءة القرآن وسائر القربات للأحياء والأموات ) ، كتبها الأستاذ الدكتور جودة أبو اليزيد مهدى ، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف ، حفظه الله
قال سيادته :
من الحقائق المؤكدة التى قررها القرآن الكريم والسنة المطهرة والإجماع ، وأكدها علماء الأصول ، أن الله سبحانه شرع الأحكام لحكم ومصالح ، يعود نفعها على العباد ، رحمة بهم وتيسيرا عليهم ، كما قال جل شأنه :
" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " ،
" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " .
ولكن فريقا من الناس ، قد عمدوا إلى تضييق رحمة الله الواسعة ، وجنحوا إلى التشديد على الأمة ، فحرموا ما أحل الله ، افتراء على الله ، وأشاعوا في أجهزة الدعوة والإعلام تحريم أمور كثيرة ، توافرت الأدلة والبراهين على حلها واستحبابها.
ومن ذلك ، دعواهم أن قراءة القرآن وإهداء سائر القربات للغير أحياءا وأمواتا من البدع المحرمة .
وهذه الدعوة مجانبة للحق والصواب ، إفتراء على الله ورسوله .
وهذه طائفة من الأدلة الشرعية ، المثبتة لجواز قراءة القرآن الكريم والذكر والعبادة ، وإهداء ثوابها للأحياء والأموات على السواء .
فالدليل الأول :
أن الإمام البخارى رضى الله عنه ، جعل عنوان باب من كتاب الجنائز في صحيحه ، باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة . وروى فيه بسنده عن طلحة بن عبد الله بن عوف أنه قال : صليت خلف ابن عباس على جنازة ، فقرأ بفاتحة الكتاب .
قال : ليعلموا أنها سنة .
والدليل الثانى :
وفيه مشروعية صلاة الجنازة على القبر ، كما يفيد مشروعية الصلاة مطلقا بجوار القبور ، ما لم تنبش ، ما رواه البخارى –فى نفس الكتاب والباب من صحيحه –عن أبى هريرة رضى الله عنه : أن اسود --رجلا كان أو امراة – كان يقم المسجد ، فمات ، ولم يعلم النبى صلى الله عليه وسلم بموته ، فذكره ذات يوم ،
فقال صلى الله عليه وسلم : " ما فعل ذلك الإنسان ؟ "
قالوا : مات يا رسول الله .
قال : " أفلا آذنتمونى ؟ "
فقالوا : إنه كان كذا وكذا ...قصته ،
قال : فحقروا شانه ،
قال : " فدلونى على قبره " ،
فأتى قبره ، فصلى عليه . ...
ولا يخفى أن صلاته صلى الله عليه وسلم ، مشتملة على تلاوة القرآن والدعاء لرحمة الميت .
الدليل الثالث :
أخرج الإمام أحمد والطبرانى وغيرهما ، عن معقل بن يسار أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
البقرة سنام القرآن وذروته ، ونزل مع كل آية منها ثمانون ملكا ، واستخرجت ( الله لا إله إلا هو الحى القيوم ) من تحت العرش ، فوصلت بها ، و( يس ) قلب القرآن ، لا يقرؤها رجل ، يريد الله تبارك وتعالى والدار الآخرة ، إلا غفر له ، و اقرؤها على موتاكم " .
وقد رد الأمير الصنعانى فى ( سبل السلام ) 2 / 244 على من قال : إن المراد بالميت هنا المحتضر بقوله : [ وهو شامل للميت . بل هو الحقيقة فيه ] . آهـ
الدليل الرابع :
وهو من كتاب ( الروح ) ، لابن القيم السلفى ، حيث روى فيه عن الخلال عن الحسن الوراق ، قال :
حدثنى على بن موسى الحداد ، وكان صدوقا ، قال :
كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهرى فى جنازة . فلما دفن الميت ، جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر .
فقال أحمد : يا هذا ، إن القراءة عند القبر بدعة ،
فلما خرجنا من المقابر ، قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل :
يا أبا عبد الله . ما تقول فى مبشر الحلبى ؟
قال : ثقة ..
قال : كتبت عنه شيئا ؟
قال : نعم ،
قال : فأخبرنى مبشر عن عبد الرحمن بن العلا بن اللجلاج عن أبيه ، أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها ، وقال : سمعت ابن عمر يوصى بذلك .
فقال له أحمد :
فارجع ، وقل للرجل يقرأ ....
هذه هى السلفية الحقة ، لا السلفية المختلقة المدعاة .
الدليل الخامس :
ما نقل عن السلف الصالح ، تطبيقا من المصادر السلفية المنصفة .
فقد نقل ابن القيم أيضا فى كتاب ( الروح ) ، عن العلامة الخلال السلفى ، عن الإمام الشعبى أنه قال :
كانت الأنصار إذا مات لهم ميت ، اختلفوا إلى قبره ، يقرؤن عنده القرآن .
الدليل السادس :
ما رواه الإمام أحمد والبخارى ومسلم ، عن الإمام ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ، أنه قال :
مر النبى صلى الله عليه وسلم على قبرين ، فقال :
" إنهما ليعذبان وما يعذبان فى كبير "
ثم قال : " بلى ، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة ، وأما الاخر فكان لايستتر من بوله " .
قال :
ثم أخذ عودا رطبا ، فكسره باثنتين ، ثم غرز كل واحد منهما على قبر .
ثم قال : " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا " .
قال الإمام الخطابى :
فيه دليل على إستحباب تلاوة القرآن ، الكتاب العزيز على القبور ، لأنه إذا كان يرجى عن الميت التخفيف ، بتسبيح الشجر ، فتلاوة القرآن العظيم أعظم رجاء وبركة .
الدليل السابع :
أخرج ابن أبى شيبة ، من طريق أبى الشعثاء ، جابر بن زيد ، وهو من ثقات التابعين ، أنه كان يقرأ عند الميت سورة ( الرعد ) ،
قال الحافظ ابن حجر : سنده صحيح .
وفى ( سبل السلام ) ، للصنعانى ، أخرج أبو الشيخ فى (فضائل القرآن ) ، وأبو بكر المروزى فى كتاب ( الجنائز ) ، عن أبى الشعثاء –صاحب ابن عباس – أنه يستحب قراءة سورة ( الرعد ) .
وزاد ،، إن ذلك يخفف عن الميت .
وفيه أيضا ، عن الشعبى :
كانت الأنصار يستحبون أن تقرأ عند الميت سورة ( البقرة ) .
هذه بعض الأدلة والحجج ، التى تثبت وتؤكد مشروعية قراءة القرآن ، وإهداء ثوابها للأموات ،
وبالله التوفيق ، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . انتهى
وحقيقة الأمر أننى كنت قد سمعت قبيل ذلك ، أن البعض قد أعلن فى بعض أجهزة الإعلام أن قراءة القرآن للأموات ، بدعة ، ومجانبة للحق ،،
وسئلت فى ذلك ----لا لأفتى ، ولكن لاستيضاح رأيى الشخصى ، حول هذا القول ،
فما كان منى إلا أن أجبت قائلا :
بلدنا التى ولد نا ونشانا فيها ، مدينة عريقة ، وهى مدينة ( جرجا ) فى صعيد مصر ،
وقد اشتهرت منذ القدم ، بأنها بلد العلم والعلماء ،
والمقصود من ذلك ، هو الدين الإسلامى بمذاهبه المعروفة ،،
(حتى ان الشيخ من أبنائها كان – دائما --- يذيل توقيعه بكلمة الشافعى الجرجاوى أو الحنفى الجرجاوى ....وهكذا )
ومع ذلك ، لم نر أحدا من علماء ( جرجا ) ، على كثرتهم ، وعلو مراتبهم فى حفظ القرآن الكريم ، وعلوم الدين المتنوعة ، يبدع ، أو يحرم إهداء ثواب قراء ة القرآن الكريم إلي الأموات ، وليس من المعقول مطلقا ، أن يجتمعوا كلهم على جهل ، أو محرم ، أو ضلالة ، أو بدعة .
وهذا فضلا عن قيام الكثيرين جدا من المسلمين بقراءة ( الختمة ) وإهدائها إلي الميت ،
ومن الدارج علي لسان المسلمين الذاكرين دائما منذ القدم ، قولهم :
الفاتحة لأمواتنا ولأموات المسلمين أجمعين ،،
وذلك علي اعتبار أن الفاتحة هي أم الكتاب ،
وهو كما تري أخي الكريم ، إهداء صريح إلي الأموات ،
وما رآه المسلمون حسنا ، فهو عند الله حسن ، ولن تجتمع أمة الإسلام علي ضلالة أبدا ،
علي أني ، كراهية مني للتطرف بشقيه ،، إفراطا من غلو وتشدد ، وتفريطا من استهتار وتسيب ، وهما وجهان قبيحان رديئان لعملة غالية، عالية القيمة ، ثمينة القدر والمقدار ، ألا وهي الإسلام ، دين الوسط والإعتدال ،،
أجدني أحار في شأن أولئك المفرطين الغلاة ، الذين يبدعون جل الأشياء ، مع أن الأصل في هذا ، إنما هو الإباحة ، ما لم يأت مقيد يقيد ، أومانع يمنع ، ،
ولو سئل بعضهم عن معني البدعة لغة وشرعا ، لأجاب بغيرما ينتهي معه إلي إتفاق ،
ولو ذهبت تبسط له وتشرح في البدعة ، وتأتي له بأمثلة من الحسن منها في دنيا الإسلام والمسلمين ، لأسرع في إبداء الملل والضجر ، فضلا عن إبداء عدم الإقتناع بما تقول ، ، وقد يتطور أمره ، ويشتط في تطرفه وغلوائه ، ويرميك بالجهل ، أو بالترخص غير المقبول عنده ،
بل قد يتناهي شططه ويرميك بالزندقة والمروق من الدين والعياذ بالله ،
وما أمره إلا أنه قد تتلمذ علي يد متطرف قد سبقه ، فتشرب منه هذا التنطع الذي دعا عليه نبي الرحمة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بالهلاك والردي ،
ولن أنس ، أن بعضهم نهرني يوما حين قلت سيدنا محمد ، وكأنني أتيت ذنبا عظيما ، وإثما كبيرا ،
فلما حلمت عليه ، وبدأت في محاورته ، تبين لي أنه تابع لجهول متطرف ،
وحقا ، شعرت بالأسي له ، والحزن علي حاله ، والخشية علي العامة من مثله الذين قد ينبهرون بشكله دون مضمونه ، فهو أخطر عليهم من أعداء الإسلام المتربصين بالمسلمين ،
إن الإسلام قوي والحمد لله ، ولن يزال بخير أبدا بحفظ الله العلي العظيم ، وإنما الخوف كل الخوف علي شباب المسلمين ، الذين حاروا بين الإفراط وبين التفريط ،
فهل يقال : ألا لعنة الله علي الظالمين ؟
أم يقال : اللهم اهدنا لما يرضيك عنا ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ؟
وعلي العموم ، فإن القول والإستقصاء في البدع والضلالات ، وما في هذا الصدد مما هو أشبه ، ودراستها دراسة متأنية ، متثبتة ، متحققة ، للوصول إلي القول الصواب فيه ، إنما هو باب واسع ، وسيخرجنا حتما عن مقصدنا ،
علي أن موضوع إهداء ثواب قراءة القرآن الكريم ، قد يندرج تحت هذا الباب الواسع ،
ولن يكون أمامنا بعد بسط وشرح واستعراض الأدلة علي مشروعيته ، إلا أن نقول للمانع :
اعتقد ما تشاء ، ولكن لاتفرض رأيك المخالف للجمهور، علي غيرك ،
وإلا ،، فاللهم رحماك يا أرحم الراحمين ،
ولله الأمر من قبل ومن بعد ،،

وإذن ،،، فقد عقدت العزم على أن أبحث فى هذا الموضوع ، بما جاء فى القرآن الكريم وورد في السنة النبوية المطهرة ، وأعمال السلف الصالح ، من أهل الفقه والعلم ، وآرائهم فيه، مستعينا بالله تعالى متوكلا عليه .
فلما قرات كلام الأستاذ الدكتور جودة حفظه الله ، وهو أحد شيوخ العلماء فى الأزهر الشريف ، وممن يؤخذ عنهم العلم والفقه في مصر ، أثبت مقالته بأكملها ، على اعتبار أنها فى صميم البحث ، ومن أسس التحقيق فيه ...
وبذلك ... وامتدادا لما سبق ... نقول ...والله أعلى وأعلم :
فى كتاب ( الدعاء ) للإمام الأكبر الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوى ، شيخ الأزهر حفظه الله تعالي ، قال فضيلته :
قال الإمام النووى :
ويستحب للزائر الإكثار من قراءة القرآن والذكر والدعاء لأهل تلك المقبرة وسائر الموتى والمسلمين أجمعين . ويستحب الإكثار من الزيارة ، وأن يكثر الوقوف عند أهل الخير والفضل . آهـ
وبالرجوع إلى كتاب الإمام الحافظ يحيى النووى ، شيخ الإسلام ، فى كتابه ( الأذكار ) فى باب ما ينفع الميت من قول غيره ، نجده يقول :
أجمع العلماء على أن الدعاء للأموات ، ينفعهم ويصلهم ثوابه ، واحتجوا بقوله تعالى :
" والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان " ،
وغير ذلك من الآيات المشهورة بمعناها .
واختلف العلماء فى وصول ثواب قراءة القرآن .
فالمشهور من مذهب الشافعى وجماعة أنه لا يصل .
وذهب أحمد بن حنبل ، وجماعة من العلماء ، وجماعة من أصحاب الشافعى إلى أنه يصل
فالاختيار ،، أن يقول القاريء بعد فراغه :
اللهم أوصل ثواب ما قرأته إلى فلان . والله أعلم . آهـ
وفى موضع آخر يقول الإمام النووى رحمه الله :
وروينا فى سنن أبى داود وابن ماجة ، عن معقل بن يسار الصحابى رضى الله عنه ، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
" اقرءوا ( يس ) على موتاكم " ،
قلت : إسناده ضعيف ، فيه مجهولان ، لكن لم يضعفه أبو داود ...
وروى ابن أبى داود عن مجالد عن الشعبى ، قال :
كانت الأنصار إذا حضروا ، قرءوا عند الميت سورة ( البقرة ) ،، مجالد ضعيف . آهـ
فإذا ذهبنا إلى ( غالية المواعظ ) ، للعلامة المحقق الآلوسى ، رحمه الله تعالى فى المجلس الثالث عشر فى الإيمان بالكتب المنزلة ، نجده يقول :
واتفق أكثر الائمة على وصول ثواب القراءة للميت . ومذهب المعتزلة خلافه لقوله تعالى :
" وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " .
وفى الدر المختار وحاشيته ، لابن عابدين رحمه الله تعالى ،، أن من دخل إلى المقبرة يقرأ
( يس ) ،، فقد ورد :
( من دخل المقابر ، فقرا سورة ( يس ) ، خفف الله عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات ) ،
وفى حديث :
" من قرأ الإخلاص أحد عشر مرة ، ثم وهب أجرها للأموات ، أعطى من الأجر بعدد الأموات .
وفى شرح اللباب ،، ويقرأ من القرآن ما تيسر له ، من ( الفاتحة ) وأول ( البقرة ) إلى
" المفلحون " و " آية الكرسى " و " آمن الرسول " و" سورة يس " و " تبارك " الملك ، و " سورة التكاثر " و " الاخلاص " ، اثنى عشر مرة ، أو إحدى عشرة ، أو سبعا ، أو ثلاثا ،، ثم يقول :
اللهم أوصل ثواب ما قرأناه إلى فلان أو إليهم .
فقد صرح علماؤنا ، فى باب الحج عن الغير ، بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها .
بل قيل الأفضل لمن يتصدق نفلا ، أن ينوى لجميع المؤمنين والمؤمنات ، لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء ، وهو مذهب أهل السنة ،
لكن استثنى مالك والشافعى العبادات البدنية المحضة ، كالصلاة والتلاوة ، فلا يصل ثوابها إلى الميت عندهما ، بخلاف غيرها ، كالصدقة والحج ،، وخالف المعتزلة فى الكل .
يقول الآلوسى رحمه الله تعالى :
أقول ما مر عن الشافعى ، هو المشهور عنه ، والذى حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت ، إذا كان بحضرته ، أو دعا له عقبها ، ولو كان غائبا ، لأ ن محل القراءة تنزل الرحمة والبركة ، والدعاء عقبها أرجى للقبول ، ومقتضاه أن المراد انتفاع الميت بالقراءة ، لا حصول ثوابها له ،
ولهذا اختاروا فى الدعاء : اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان .
وأما عندنا ، فالواصل إليه نفس الثواب . آهـ
وفى كتاب ( الروح ) ، للحافظ ابن القيم ، أنه اختلف فى إهداء الثواب إلى الحى ،،
فقيل : يصح ،، لإطلاق قول أحمد ، يفعل الخير ويجعل نصفه لأبيه وأمه .
وقد نقل عن جماعة ، أنهم جعلوا ثواب أعمالهم للمسلمين ،، وقالوا :
نلقى الله تعالى بالفقر والإفلاس ،، والشريعة لاتمنع ذلك .
وفى موضع آخر يقول الآلوسى رحمه الله تعالى :
وأما فى القراءة للميت بالإستئجار ، فلا يصح ، على القول الأصح .
قال شيخ مشايخنا العلامة ابن عابدين ، فى حاشيته ، من جملة كلام كثير :
قال تاج الشريعة فى شرح الهداية :
إن القرآن بالأجرة لايستحق الثواب ، لا للميت ولا للقاريء.
وقال الشيخ خير الدين الرملى فى الولوالجية :
لو زار قبر صديق او قريب له ، وقرا عنده شيئا من القرآن ، فهو حسن .
ونقل الخلوتى ، فى حاشية المنتهى ، الحنبلى ، عن شيخ الإسلام تقى الدين ما نصه :
ولا يصح الإستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت ، لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة ، الإذن فى ذلك .
وقد قال العلماء :
إن القاريء إذا قرا لأجل المال ، فلا ثواب له ، فأى شيء يهديه إلى الميت ، وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح ، والإستئجار على مجرد التلاوة ، لم يقل به أحد من الأئمة ،
وإنما تنازعوا على التعليم . آهـ
وفى ( تسلية المصاب عند فقد الأحباب ) ، طبعة سنة 1358 هجرى ، لفضيلة الشيخ محمد عبد السلام المنير، رحمه الله ، المرشد العام بالمملكة المصرية آنذاك ، قال :
وأما ثواب الأعمال البدنية ، كالصلاة والصوم والقراءة ونحو ذلك ، فالصحيح الوصول ، وهو مذهب الإمام أحمد وأبى حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعى ، لما يأتى من الأحاديث والآيات إن شاء الله .
فمن الآيات ما تقدم . وقوله تعالى :
"الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ".
فلو لم ينفعهم ذلك ، لم يخبر الله تعالى به ترغيبا .
وأما الأحاديث ،، فمنها ما روى الإمام أحمد ، من حديث الحسن بن سعد بن عبادة ، أن أمه ماتت ، فقال :
يا رسول الله ، إن أمى ماتت ، أفأتصدق عنها ؟
قال :" نعم ".
قلت : فأى الصدقة أفضل ؟
قال : " سقى الماء ".
قال الحسن : فتلك سقاية آل سعد بالمدينة ، ورواه النسائى أيضا .
ومنها عن معقل بن يسار ، قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" اقرءوا على موتاكم ( يس ) " .
رواه أبو داود وابن ماجه ورواه الإمام أحمد .
ولفظه : "يس قلب القرآن ، لا يقرؤها رجل يريد الله تبارك وتعالى والدار الآخره ، إلا غفر له ، واقرؤها على موتاكم ".
وفيه دليل على وصول القراءة إلى الميت ،
فإنه صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرأها على موتانا ، وأمره فى هذا المكان ، أمر إرشاد ،
لا يجوز أن يعرى عن فائدة ، ولا فائدة للعبد بعد موته أعظم من الثواب ،، فإنا نعلم يقينا أن الميت من أحوج الناس إلى ما يقربه من رحمة الله ، ويبعده من عذابه ، وقد امتنع عليه ذلك بعد موته بفعل نفسه ، فما بقى يحصل له ذلك ، إلا بفعل غيره ، والحصول هو الثواب المترتب على القراءة ، والله أعلم .
ثم يقول :
أول القائلون بعدم وصول ثواب القراءة للميت مثل هذا ، بأنه محمول على المحتضر ، وهذا على سبيل المجاز ، والحقيقة هنا ممكنة ، والمجاز لا يسار إليه ، إلا عند تعذر الحقيقة .فوجب حمله على من نزل به الموت بالفعل ،
وكان العز بن عبد السلام ممن يقول بعدم الوصول ، فلما مات ، رآه بعض إخوانه فى المنام . فقال له : هات ما كنت تقول فى دار الدنيا ،
فقال : وجدت الأمر على خلاف ما كنت أظن ، وجدت كل ذلك ينفع .
وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
" ما على أحدكم إذا أراد أن يتصدق بصدقة تطوعا ، أن يجعلها عن والديه إذا كانا مسلمين فيكون لوالديه أجرها ، وله مثل أجورهما ، من غير أن ينقص من أجورهما شيئا " ،
رواه حرب فى مسائله بسنده .
وروى ابن المنذر بإسناده عن عائشة رضى الله عنها ، أنها اعتقت عن أخيها عبد الرحمن عبدا بعد موته..........
وروى الدار قطنى وغيره ، عن عطاء بن أبى رباح ، مرسلا ، أن رجلا قال :
يا رسول الله ،، إن أبى مات ، أفأعتق عنه ؟
قال : " نعم "
وروى الدارقطنى أيضا ، عن الحسن والحسين رضى الله عنهما ، أنهما كانا يعتقان عن أبيهما على بن أبى طالب رضى الله عنه بعد موته .
وعن ابن أسيد ، مالك بن ربيعة الساعدى قال :
بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ جاء رجل من بنى سلمة فقال :
يا رسول الله ، هل بقى من بر أبوى شيء أبرهما به بعد موتهما ؟
قال : " نعم ، الصلاة عليهما ، والإستغفار لهما ، وافتقاد عهدهما بعدهما ، وصلة الرحم التى لاتوصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما " ،
رواه أبو داود وابن ماجة ، واللفظ لأبى داود .آهـ
وفى ( تنبيه الغافلين ) للسمرقندى رحمه الله تعالي ، قال :
روى العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبى هريرة رضى الله عنه ، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
" إذا مات ابن آدم ، انقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له بالمغفرة " .
وفى موضع آخر ، فى نفس المصدر ، جاء أن يزيد الرقاشى روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال :
سبع يؤجر فيهن من بعده ، من بنى مسجدا ، فله أجره ، مادام يصلى فيه ، ومن أجرى نهرا فما دام يجرى فيه الماء ، ويشرب منه الناس ، كان له أجره ، ومن كتب مصحفا وأحسنه كان له أجره ، مادام يقرأ فيه أحد ، ومن استخرج عينا ، ينتفع بمائها ، كان له أجرها ما بقيت ، ومن غرس غرسا ، كان له أجره فيما أكل الناس منه والطير ، ومن علم علما كذلك . ومن ترك ولدا يستغفر له ويدعو له من بعده ، يعنى إذا كان الولد صالحا ، وقد علمه الأب القرآن والعلم ، فيكون أجره لوالده ، من غير أن ينقص من أجر ولده شيء .
فإذا كان الوالد لايعلمه القرآن ، ويعلمه طريق الفسق ، يكون وزره على أبيه ، من غير أن ينقص من وزر ولده شيء .
وفى ذات المصدر ( تنبيه الغافلين ) ، فى باب ما جاء في فضائل القرآن :
روى يزيد بن أبى حبيب ، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :
" من استظهر القرآن ، خفف الله تبارك وتعالي عن أبويه العذاب ، وإن كانا كافرين " .
وعن أبي امامة رضي الله عنه قال :م
شروعية إهداء ثواب قراءة القرآن الكريم إلي الأمواتبسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه وسابغ نعمه التي لا تعد ولا تحصى ، ثم صلاة وسلاما تامين دائمين متلازمين على رسوله الأمين ، سيد الأولين والآخرين ، وإمام الأنبياء وخاتم المرسلين المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين ،
وبعد
ففي مقالة نشرتها جريدة ( صوت الأزهر ) في يوم الجمعة بتاريخ 18 ذي الحجة سنة 1425 هجرى ، الموافق 28 يناير سنة 2005 ميلادي ، تحت عنوان ( الحجج الدامغات في ثبوت مشروعية إهداء قراءة القرآن وسائر القربات للأحياء والأموات ) ، كتبها الأستاذ الدكتور جودة أبو اليزيد مهدى ، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف ، حفظه الله
قال سيادته :
من الحقائق المؤكدة التى قررها القرآن الكريم والسنة المطهرة والإجماع ، وأكدها علماء الأصول ، أن الله سبحانه شرع الأحكام لحكم ومصالح ، يعود نفعها على العباد ، رحمة بهم وتيسيرا عليهم ، كما قال جل شأنه :
" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " ،
" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " .
ولكن فريقا من الناس ، قد عمدوا إلى تضييق رحمة الله الواسعة ، وجنحوا إلى التشديد على الأمة ، فحرموا ما أحل الله ، افتراء على الله ، وأشاعوا في أجهزة الدعوة والإعلام تحريم أمور كثيرة ، توافرت الأدلة والبراهين على حلها واستحبابها.
ومن ذلك ، دعواهم أن قراءة القرآن وإهداء سائر القربات للغير أحياءا وأمواتا من البدع المحرمة .
وهذه الدعوة مجانبة للحق والصواب ، إفتراء على الله ورسوله .
وهذه طائفة من الأدلة الشرعية ، المثبتة لجواز قراءة القرآن الكريم والذكر والعبادة ، وإهداء ثوابها للأحياء والأموات على السواء .
فالدليل الأول :
أن الإمام البخارى رضى الله عنه ، جعل عنوان باب من كتاب الجنائز في صحيحه ، باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة . وروى فيه بسنده عن طلحة بن عبد الله بن عوف أنه قال : صليت خلف ابن عباس على جنازة ، فقرأ بفاتحة الكتاب .
قال : ليعلموا أنها سنة .
والدليل الثانى :
وفيه مشروعية صلاة الجنازة على القبر ، كما يفيد مشروعية الصلاة مطلقا بجوار القبور ، ما لم تنبش ، ما رواه البخارى –فى نفس الكتاب والباب من صحيحه –عن أبى هريرة رضى الله عنه : أن اسود --رجلا كان أو امراة – كان يقم المسجد ، فمات ، ولم يعلم النبى صلى الله عليه وسلم بموته ، فذكره ذات يوم ،
فقال صلى الله عليه وسلم : " ما فعل ذلك الإنسان ؟ "
قالوا : مات يا رسول الله .
قال : " أفلا آذنتمونى ؟ "
فقالوا : إنه كان كذا وكذا ...قصته ،
قال : فحقروا شانه ،
قال : " فدلونى على قبره " ،
فأتى قبره ، فصلى عليه . ...
ولا يخفى أن صلاته صلى الله عليه وسلم ، مشتملة على تلاوة القرآن والدعاء لرحمة الميت .
الدليل الثالث :
أخرج الإمام أحمد والطبرانى وغيرهما ، عن معقل بن يسار أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :
البقرة سنام القرآن وذروته ، ونزل مع كل آية منها ثمانون ملكا ، واستخرجت ( الله لا إله إلا هو الحى القيوم ) من تحت العرش ، فوصلت بها ، و( يس ) قلب القرآن ، لا يقرؤها رجل ، يريد الله تبارك وتعالى والدار الآخرة ، إلا غفر له ، و اقرؤها على موتاكم " .
وقد رد الأمير الصنعانى فى ( سبل السلام ) 2 / 244 على من قال : إن المراد بالميت هنا المحتضر بقوله : [ وهو شامل للميت . بل هو الحقيقة فيه ] . آهـ
الدليل الرابع :
وهو من كتاب ( الروح ) ، لابن القيم السلفى ، حيث روى فيه عن الخلال عن الحسن الوراق ، قال :
حدثنى على بن موسى الحداد ، وكان صدوقا ، قال :
كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهرى فى جنازة . فلما دفن الميت ، جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر .
فقال أحمد : يا هذا ، إن القراءة عند القبر بدعة ،
فلما خرجنا من المقابر ، قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل :
يا أبا عبد الله . ما تقول فى مبشر الحلبى ؟
قال : ثقة ..
قال : كتبت عنه شيئا ؟
قال : نعم ،
قال : فأخبرنى مبشر عن عبد الرحمن بن العلا بن اللجلاج عن أبيه ، أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها ، وقال : سمعت ابن عمر يوصى بذلك .
فقال له أحمد :
فارجع ، وقل للرجل يقرأ ....
هذه هى السلفية الحقة ، لا السلفية المختلقة المدعاة .
الدليل الخامس :
ما نقل عن السلف الصالح ، تطبيق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تابع لما سبق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تابع لما سبق
» تابع لما سبق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أحباب المصطفى صلي الله عليه و سلم :: تصليات و أدعية وأذكار :: أدعية و أذكار-
انتقل الى: