ومما أجاب به الشيخ إسماعيل عن القبض و البسملة و الهيللة قوله رضي الله عنه في رسالة لاخواننا بمدينة الرديف
السلام عليكم و على من يجتمع معكم لله، وفي الله، و رحمة الله و بركاته، ما دمتم له ذاكرين وعليه مجتمعين، وفي زيادة التعرف عليه والقرب منه راغبين. اما بعد :
لقد لغنا بمزيد الاسف ان بعضا ممن ينتسبون للعلم في بلدكم قاموا بحملة تنكير ضد من يبسمل في الصلاة، او يضع يده اليمنى على اليسرى فيها، او يرفع صوته بالذكر عند الفراغ منها، زاعمين ان من يفعل ذلك تبطل صلاته، و صلاة من خلفه، و انه اتى بدعة منكرة لا اصل لها من الدين، ولا دليل لها من الشريعة. ثم لم يقف صاحب هذا الزعم الخاطئ عند هذا الحد بل تجاوزه قائلا انها بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. فحكم بذلك على جمع كبير من الصحابة والأتباع و تبع الأتباع، و بالتالي حكم على غالب الامة المحمدية بالدخول في النار لانهم مبتدعين ظنا منه ان نسلا الاسلام انقرض و رعاة الشريعة هلكوا و لم يبق في الامة المحمدية رجل واحد ينير الحجة و يوضح المحجّة، من اهل العلم المطلعين، فخاض خضخاض الانكار على من يتشبث بسنة الرسول المختار، وحكم على طائفة من الامة المحمدية بعذاب النار، واسكنهم دار البوار، ولا حول ولا قوة الا بالله العي العظيم .
لو كنت تعلم ما اقول عذرتني * * * او كنت اجهل ما تقول عذلتــــــــــــك
لكن جهلت مقالتي فعذلتنـــــــي * * * وعلمت انك جاهـــل فعذرتــــــــــــــك
ولهذا ايها الاخوان الاعزاء دفاعا عن حوزة الاسلام، وحماية لاعراض اولائك الائمة الاعلام، وعملا بقوله تعالى " ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويامرون بالمعروف و ينهون عن المنكر واولائك هم المفلحون "
وبقوله عليه الصلاة و السلام ( من رائ منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لن يستطع فقلبه و ذلك اضعف الايمان ) . هذا من ناحية .
ومن ناحية اخرى ارى هذا المفترى قد تجاوز الحد في الضلالة و اتى في ديننا هذا بما لم يقل به احد. وقد قال عليه الصلاة والسلام ( من احدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد).
لهذا كله اردت ان اكتب لكم بعض ما حرره علماؤنا الاعلام في هذا المقام ليهلك من هلك من بيّنه و يحي من حي من بيّنه فاقول ومن الله استمد العون و التوفيق، واستعيذ به من الضلالة و الغواية والتشدق بما لا يليق : اما حكم البسملة في الصلاة فقد لخصه مولانا الامام محمد المداني قدس الله سرّه في الفصل الثالث في حكم البسملة في الصلاة ص 6 من كتابه : الروضة الجامعة في تفسير سورة الواقعة ونصه بالحرف الواحد :
واما حكم البسطة في الصلاة فلا باس بها في التطوع عند الائمة الأربعة واما في الفريضة فيجهر بها من الجهر و يسر بها مع السر عند الشافعي و يسر بها مطلقا عند ابي حنيفة و احمد رضي الله عنهما ولا يبسمل سرا ولا جهرا عند مالك وروي عن مالك قول بإباحتها والمشهور عنه الكراهة وعن ابن مسلمة أنها مندوبة وقال ابن نافع هي واجبة " وبمناسبة هذا الخلاف قال القرافي وابن رشد والغزالي وجماعة الورع بالبسملة اول الفاتحة للخروج من الخـــــــــــــلاف .
*-*-*
وفي كتاب الفواكه الدواني على رسالة ابن ابي زيد القيرواني للعلامة الشيخ احمد بن غنيم بن سالم بن مهنا النفراوي المالكي المتوفى سنة 25 و مائة و الف هجرية ان محل كراهة البسملة عند مالك في الفريضة اذا اتى بها على وجه انها فرض من غير تقليد لمن يقول بوجوبها و اما اذا اتى بها مقلدا له او يقصد الخروج من الخلاف من غير تعرض لفريضة ولا نفلية فلا كراهة بل واجبة اذا قلد القائل بالوجوب و مستحبة في غيره . هذا وفي كتاب النشر في القراءات العشر للحافظ ابن الجزري قال عند الكلام على البسملة : و حكي ابو القاسم الهذلي على مالك انه سال نافعا عن البسملة فقال السنة الجهر بها فسلّم اليه و قال كل علم يسال عنه اهله .
واما رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة فقد اخرج الشيخان عن ابن عباس قال : رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبيء صلّى اللّه عليه وسلّم قال ابن عباس كنت اعلم اذا انصرفوا بذلك اذا سمعته .
ذكره جلال الدين السيوطي في كتابه الحاوي للفتاوي في الجزئ الثاني منه في رسالة سماها : " نتيجة الفكر في الجهر بالذكر" وهي برهان ساطع للذاكرين وحجة كافية في رد دعوي المنكرين. جعلني الله واياكم ممن استمع الوعظ و رعاه، و قام بحقوق ربه في جميع ما استرعاه.
*-*-*
اما سنة وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة فهي ثابتة بفعله و قوله و تقريره عليه الصلاة و السلام. وباختصار فهاته السنة كانت ثابتة لدى السلف الصالح كشمس على علم ثبوتا لا يحتمل التأويل " فالصحابة كانوا يؤمرون بها صراحة من قبل رسول الله حسبما نقله البخاري عن سهل عن ابن سعيد قال كان الناس يؤمرون بوضع اليمنى على اليسرى في الصلاة. ومن المعلوم ان الآمر لهم هو النبيء صلى الله عليه وسلم. وروي ابن ماجه عن انه قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة نقلها السيوطي في الجامع الصغير. وباختصار كان فعله عليه الصلاة و السلام بهاته السنة مشهورا لعموم الصحابة كما جاء في المدونة عن سحنون عن سفيان الثوري عن غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم انهم رأوه واضعا يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة ولا واحد من الصحابة يقول بخلاف ذلك. وقد جاء عنه صلى الله عليه و سلم انه كان يصلح أيدي الصحابة بيده الشريفة وهم في الصلاة حسبما رواه أبو داوود عن جابر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه و سلم مر برجل وهو يصلي وقد وضع اليسرى على اليمنى فانتزعهما له ووضع اليمنى على اليسرى " وسنة القبض معروفة مشهورة بين السلف والخلف لا ينكرها الا قاصر الباع و قليل الاطلاع .
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد * * * وينكر الفم طعم الماء من سقم
ومن اراد الاطلاع، والمزيد من البيان، فعليه بمطالعة " نور الثمد في سنة وضع اليد على اليد " في الصلاة للعارف بالله العلامة التحرير الشيخ سيدي احمد بن مصطفى بن عليوه فهو كتاب اجاد فيه رحمه الله وأفاد تعرض فيه لجميع الاحاديث المروية في هذا الشان. وتأول رواية السدل التي انفرد بها ابن القاسم عن مالك بما يشفي الغليل و يبري العليل .
هذا ما ظهر لي ايها الاخوان كتبته لكم عسى ان يكون تبصرة و ذكرى لاولى الالباب والله اسال ان يوفقنا وعامة المسلمين لسلوك جادة الصواب بحق من اوتي الحكمة وفضل الخطاب صلى الله عليه و سلم.
السبت أكتوبر 10, 2009 7:26 pm