حكم إهداء تلاوة القرآن للميت
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
المجلد التاسع
س1: هل يجوز قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن للميت عند زيارة قبره، وهل ينفعه ذلك؟
ج1: ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه كان يزور القبور، ويدعو للأموات بأدعية علمها أصحابه، وتعلموها منه، من ذلك: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية)، ولم يثبت عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قرأ سورة من القرآن أو آيات منه للأموات مع كثرة زيارته لقبورهم، ولو كان ذلك مشروعا لفعله، وبينه لأصحابه؛ رغبة في الثواب، ورحمة بالأمة، وأداء لواجب البلاغ، فإنه كما وصفه تعالى بقوله: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [سورة التوبة، الآية 128].
فلما لم يفعل ذلك مع وجود أسبابه دل على أنه غير مشروع، وقد عرف ذلك أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ فاقتفوا أثره، واكتفوا بالعبرة والدعاء للأموات عند زيارتهم، ولم يثبت عنهم أنهم قرأوا قرآنا للأموات، فكانت القراءة لهم بدعة محدثة، وقد ثبت عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان 28/6/1422 هـ
س : هل يجوز أن أهدي تلاوة القرآن إلى أبي وأمي وهما على قيد الحياة وماذا إذا كان أحدهما أمي لا يقرأ ولا يكتب وما الذي يصل إليهما ؟
ج : الصحيح أن قراءة القرآن لا تهدى لا للأحياء ولا للأموات لعدم الدليل على ذلك الأصل أن ثواب العمل يكون للعامل إلا إذا دل الدليل على جواز إهدائه لغيره مثل الدعاء مثل الصدقة مثل الحج والعمرة فهذه أمور دل الدليل على إهدائها للأحياء أو للأموات وأما ما لم يدل دليل عليه فالأصل إنه لا يجوز .
من فتاوى الفوزان – الجزء الخامس
وقراءة القرآن على أرواح الأموات بدعة لا دليل عليها،
فتاوى نور على الدرب ( ابن باز رحمه الله)
قال صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وهكذا القراءة للأموات أيضا ليس لها أصل والواجب ترك ذلك. أما الصدقة عن أموات المسلمين والدعاء لهم، فكل ذلك مشروع، كما قال الله عز وجل في صفة عباده الصالحين التابعين للسلف الصالح: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ الآية، وقد شرع الله صلاة الجنازة للدعاء والترحم عليهم، وهكذا الصدقة عن الميت تنفعه كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهكذا الحج عنهم، والعمرة، وقضاء الدين، كل ذلك ينفع الميت المسلم.
فتاوى نور على الدرب: الجنائز ( ابن عثيمين رحمه الله)
السؤال: المستمع يسأل أيضاً يا فضيلة الشيخ ويقول عن قراءة القرآن على القبر بعد دفن الميت وعن قراءة القرآن للميت في البيوت و نسميها رحمية للأموات ونعطي القراء فلوساً ما حكم الشرع أيضاً في عملنا هذا.
الجواب
الشيخ: الراجح من أقوال أهل العلم أن القراءة على قبر الميت بعد دفنه بدعة لأنها لم تكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن هو نفسه يفعلها بل غاية ما ورد في ذلك إنه دفن الميت وقف عليه وقال استغفروا لأخيكم واسالوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ولو كانت القراءة عند القبر خيراً وشرعاً لأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم أو فعلها حتى تعلم الأمة ذلك وكذلك إذا اجتمع الناس في البيوت على القراءة على روح الميت فإن هذا أيضاً لا أصل له وما كان السلف الصالح رضي الله عنهم يفعلون هذا والواجب على الإنسان إذا أصيب بمصيبة أن يصبر ويحتسب عند الله ويقول ما قاله الصابرون إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها وأما الاجتماع عند أهل الميت وقراءة القرآن وصنع الطعام وما أشبه ذلك فكله من البدع التي لا أصل لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه فالواجب الحذر منها والبعد عنها.
كتب
د . أحمد عبد الكريم نجيب
قلتُ : و من المناسب في هذا المقام أن نتناول بالبيان مسألة قراءة القرآن عن الميت ، أو التصدّق عليه بثواب القراءة أو مثل ثوابها ، كما هو الشائع في معظم أمصار المسلمين اليوم .
فهل يصل ثواب قراءة القرآن الكريم إلى الميت ؟
هذه مسألة خلافيّة قديمة ، و لأهل العلم فيها قولان معروفان :
القول الأوّل : أنّه لا يصل ، و هذا هو المشهور من مذهب الشافعي ، و يؤيّده عدم ورود النص المجوّز للقراءة عن الميت ، فتكون القراءةٌ بدعة منكرةً ، لأنَّها عبادة ، و الأصل في العبادات التوقيف ، و عليه فلا يثاب فاعلها ، و لا ينتفع بها من وُهِبَتْ إليه .
و قد ذهَب إلى هذا القول طائفة من المحققين المعاصرين ، و معظم علماء الدعوة السلفيّة .
القول الثاني : أنّ ثواب القراءة يصل إلى الميّت ، و هذا مذهب الجمهور ( الأئمّة الثلاثة ، و جماعة من أصحاب الشافعي ، و غيرهم ) ، بل زُعمَ على وُصوله الإجماع السكوتي .
ففي المغني لابن قدامة : قال أحمد بن حنبل : الميت يصل إليه كل شيء من الخير ، للنصوص الواردة فيه ، و لأن المسلمين يجتمعون في كل مصر ، و يقرؤون ، و يُهدون لموتاهم من غير نكير ، فكان إجماعاً . اهـ .
و القول بوصول الثواب إلى الميت هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله ، و قد انتصر له في غير موضع من كتبه ، و تابَعه على ذلك تلميذه ابن القيّم ، و حجّته عدَم ورود النهي ، و أنّه يقاس على ما أخبر الشارع بانتفاع الأموات بها ، و بلوغهم ثوابها إذا أُهديَ إليهم ، كالدعاء و الصدقة و الصوم و الحج .
قال شيخ الإسلام : ( أما القراءة ، و الصدقة و غيرهما من أعمال البر ؛ فلا نزاع بين علماء السُنَّة و الجماعة في وصول ثواب العبادات المالية ؛ كالصدقة و العتق ، كما يصل إليه أيضاً الدعاء و الاستغفار ، و الصلاة عليه صلاة الجنازة ، و الدعاء عند قبره .
و تنازعوا في وصول الأعمال البدنية ؛ كالصوم ، و الصلاة ، و القراءة ، و الصواب : أن الجميع يصل إليه ... و هذا مذهب أحمد ، و أبي حنيفة ، و طائفة من أصحاب مالك ، و الشافعي .
و أما احتجاج بعضهم بقوله تعالى : ( وَ أنْ لَيْسَ للإنْسانِ إلاَّ ما سَعَى ) [ النجم : 39 ] ؛ فيقال له : قد ثبت بالسنة المتواترة و إجماع الأمة أنه يصلى عليه ، و يدعى له، و يستغفر له ، و هذا من سعي غيره ، و كذلك قد ثبت ما سلف من أنه ينتفع بالصدقة عنه و العتق ، و هو من سعي غيره ، و ما كان من جوابهم في موارد الإجماع ؛ فهو جواب الباقين في مواقع النزاع ، و للناس في ذلك أجوبة متعددة .
لكن الجواب المحقق في ذلك أن الله تعالى لم يقل : إن الإنسان لا ينتفع إلا بسعي نفسه ؛ و إنما قال : ( لَيْسَ للإنْسانِ إلاَّ ما سَعَى ) ؛ فهو لا يملك إلا سعيه و لا يستحق غير ذلك ، و أما سعي غيره ؛ فهو له ، كما أن الإنسان لا يملك إلا مال نفسه و نفع نفسه ، فمال غيره ، و نفعُ غيره هو كذلك للغير ، لكن إذا تبرع له الغير بذلك جاز .
و هكذا هذا إذا تبرع له الغير بسعيه نفعه الله بذلك ، كما ينفعه بدعائه له و الصدقة عنه ، و هو ينتفع بكل ما يصل إليه من كل مسلم ، سواء كان من أقاربه أو غيرهم ، كما ينتفع بصلاة المصلين عليه و دعائهم له عند قبره ) [ مجموع الفتاوى : 24 / 366 ] .
أمّا عن التفضيل بين العبادات التي تؤدّى عن الميّت ، و يُهدى إليه ثوابُها ، فالحال على ما هو عليه بالنسبة للحيّ و لا فَرْق .
قال ابن القيم رحمه الله : قيل : الأفضل ما كان أنفع في نفسه ، فالعتق عنه ، و الصدقة ، أفضل من الصيام عنه ، و أفضل الصدقة ما صادفت حاجة من المتصدق عليه ، و كانت دائمة مستمرة ، و منه قول النبي صلى الله عليه و سلم
أفضل الصدقة سقي الماء ) ، و هذا في موضع يقل فيه الماء ، و يكثر فيه العطش ، و إلا فسقي الماء على الأنهار و القُنِيِّ لا يكون أفضل من إطعام الطعام عند الحاجة ، و كذلك الدعاء ، و الاستغفار له ، إذا كان بصدق من الداعي و إخلاص و تضرع ، فهو في موضعه أفضل من الصدقة عنه كالصلاة على الجنازة ، و الوقوف للدعاء على قبره .اهـ .
هذا ، و الله الموفّق ، و هو الهادي إلى سواء السبيل . و الحمد لله ربّ العالمين
رقم الفتوى : 2288
عنوان الفتوى : هل يصل ثواب من قرأ القرآن ووهبه للمتوفى؟
تاريخ الفتوى : 16 صفر 1420
السؤال
هل تجوز قراءة القرءان عند الميت وله، بأن أقرأ القرآن وأهدي إليه ثوابه وهل تجوز قراءة الفاتحة على روحه؟ وما هو الدليل ؟ وجزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصد السائل أن يقرأ ويهب ثوابه للمتوفى ، فإن ذلك يصل إلى المتوفى - إن شاء الله - لعموم الأدلة الواردة في وصول ثواب الأعمال إلى الميت ، فقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ! إن أمي ماتت ، فينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال: "نعم" رواه أبوداود ، وقال للذي سأله: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: "نعم" . فهذه الأعمال أوصل الله نفعها للميت مع كون الصيام عبادة بدنية فكذلك ما سواه، ووجه ذلك أن من عمل عملاً ملك ثوابه ومن ملك شيئا فله أن يهبه ما لم يقم بالموهوب له مانع من الانتفاع بالثواب، ولا يمنع منه إلا الكفر، والموت ليس بمانع بدليل وصول الدعاء.
وأما حديث: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث………الخ) فالمنقطع عنه إنما هو ثواب عمله هو، وليس عمل غيره. وإن كان قصد السائل استئجار قارئ يقرأ عند المتوفى أو في مكان اجتماع المعزين ، فإن هذا من محدثات البدع، ويخشى على صاحبه ألا يصل إلى ميته شيء منه، بل يخشي عليه هو أن يكون آثماً، لأنه أحدث في دين الله ما ليس منه ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" ، رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها . هذا والله أعلم .
المفتـــي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
الأستاذ الدكتور محمد بكر إسماعيل
أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو من سماحة الشيخ إفادتي في السؤال التالي مشكورا:
هل قراءة سورة الفاتحة على أموات المسلمين جائزة أم لا؟ وفي كلتا الحالتين أرجو الدليل من الكتاب والسنة، وشكرا لكم على سعة صدركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. وبارك الله فيك، وهدانا وإياك إلى الصراط المستقيم.
الإجابة عن هذا السؤال تتلخص في أن قراءة الفاتحة، أو قراءة أي شيء من القرآن جائزة، وتصل للميت إن شاء الله؛ لأن الدعاء للميت من الأمور المستحبة، فقراءة القرآن كالدعاء لما تشتمل عليه من الذكر، كالتسبيح والتحميد والتكبير وما إلى ذلك.
وأستدل على هذه الفتوى بقوله تعالى في سورة الإسراء: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين"، فالرحمة هنا في الآية عامة للأحياء والأموات، وهي أيضًا رحمة حسية ومعنوية، حسية بالنسبة للأحياء، ومعنوية بالنسبة للأموات، فلا داعي أبدًا من الحكم على أن قراءة القرآن لا تصل للميت، ولا داعي أيضًا إلى القول بأن قراءة القرآن للميت بدعة، فالبدعة هي كل أمر يخالف الدين ويظن فاعله أنه من الدين، وكل شيء له أصل في الدين لا يكون بدعة، وإن وقع فيه مكروه.
لكن على كل حال قراءة القرآن كالدعاء تمامًا بالنسبة للميت، فلا ينبغي أن نختلف على ذلك.
والله أعلم.
هل قراة الفاتحة للاموات مستحبة ام لا؟
أ. د. أحمد الحجي الكردي
قراءة القرآن (الفاتحة أو غيرها) للأموات مقبولة إن شاء الله تعالى، وكذلك كل الطاعات والصدقات
الشيخ صادق محمد سليم
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف القطرية وعضو في إدارة الفتوى بالأوقاف
السؤال
السلام عليكم لدينا عادة في العائلة وهي قراءة القرآن على موتى العائلة والدعاء لهم كل يوم جمعة، فنجتمع أنا وإخوتي، ونقرأ ما تيسر ثم نقرأ 5 مرات سورة الإخلاص وندعو للمرحوم (ة) ثم سورة أخرى حتى آخر شخص توفي.
مع العلم أن أغلبنا فتيات نقرأ جهرا، فهل هناك طريقة أحسن من هذه وشكرا؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
قراءة القرآن للأموات وإهداء الثواب إليهم أجازها أكثر العلماء، وأما الدعاء لهم فمنصوص عليه في الأحاديث الصحيحة، وأما اعتبار ذلك كعادة وفي يوم خاص أو بطريقة وصورة مخصوصة أو بكيفية مخصوصة كمجلس قراءة فلم يرد بذلك شيء.
فإن كان ذلك بنية إعانتهم على استمرار هذا الخير وإسداء هذا الحسنة إلى الموتى وبدون ذلك ينقطعون فيجوز الاستمرار على ذلك تفاديا لترك هذا الثواب إلى الموتى؛ لأن الدعاء للموتى من سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فينبغي الاستمرار على ذلك ولو بشكل خاص.
أما بالنسبة للشق الأخير من السؤال فكون الأشخاص فتيات أو غيرهن فلا يفرق إلا إذا كان المجلس مختلطا بغير المحارم، فهذا لا يجوز.
وأما إذا كانت النساء يجتمعن في مكان خاص بهن فلا بأس دون اختلاط من المحارم.
أما كونه جهرا فالجهر في قراءة القرآن إن لم يكن هناك من يتأذى به مثل نائم أو من يصلي فلا بأس، بل هو أفضل لكونه مسموعا ومقروءا.
والله أعلم.